الاثنين، 8 أغسطس 2016

مكتبة السقاط : وقف خيري في خدمة البحث العلمي

أنشئت مؤسسة محمد السقاط الخيرية في المغرب سنة 2005م كمؤسسة ذات منفعة عامة تعنى بالوقف الخيري الإسلامي، ولها العديد من المشاريع الخيرية، لعل أبرزها المكتبة الجامعية محمد السقاط بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء.
«الوعي الإسلامي» زارت المكتبة للوقوف على هذا الصرح الثقافي والمعرفي الخيري، الذي يصب في مصلحة البحث العلمي والحفاظ على التراث.
وضع الملك محمد السادس حجر أساس المكتبة الجامعية محمد السقاط في أبريل 2006، وافتتحت 23 سبتمبر 2009، وقد بلغت تكلفة هذا المشروع قرابة 52 مليون درهم.
وأسهمت مؤسسة السقاط في تجهيز المكتبة، التي تعد من أهم المكتبات بالمغرب، والتي تسعى إلى وضع رصيد وثائقي مهم رهن إشارة الباحثين والطلبة، من خلال «الرقمنة» الإلكترونية، فضلا عن صيانة التراث الثقافي للمملكة..
إلى جانب تبرع الحاج محمد السقاط- يرحمه الله- حسب وصيته بمخطوطات نادرة عددها 550 مخطوطا، و600 كتاب ومطبوع حجري ليتوغرافيا- وهي المخطوطات التي خصص لها جناح خاص وفقا لمواصفات ومعايير دولية- وبتكلفة بلغت مليون درهم؛ لضمان حفظ هذا الإرث التراثي النفيس.
بنيت مكتبة السقاط الجامعية بمواصفات عصرية على مساحة سبعة آلاف متر مربع، وتتألف من ستة طوابق، يضم كل واحد مجالا معرفيا وعلميا معينا.
وتحتوي المكتبة الجامعية على أربعين ألف وثيقة، وخمسة عشر ألف مجلة إلكترونية، إضافة إلى أكثر من 100 قرص مدمج، وقسم خاص بالإعلام والصحافة، يضم عناوين متنوعة من المجلات والجرائد العربية والأجنبية، وعشرة آلاف مؤلف مطبوع بطريقة برايل لفاقدي البصر.
كذلك تضم قاعات للمطالعة 120 مقعدا مجهزا بأحدث المصادر والمراجع التي تغطي جميع ميادين المعرفة في الدين والشريعة.. من لغات وآداب وعلوم وفن واقتصاد وقانون وغير ذلك.
بالإضافة إلى قاعة مجهزة بأحدث الوسائل المرئية والسمعية عالية الجودة، تتسع لأكثر من 150 شخصا، صممت لاستضافة اللقاءات والندوات والملتقيات الوطنية والدولية؛ بغرض الإسهام في تطوير البحث العلمي في المغرب.
هناك أيضا قاعات التكوين الوثائقي، حيث يركز نشاطها على البحث في قواعد المعطيات الإلكترونية والتعامل مع أحدث مصادر المعلومات المرجعية.
وفي المكتبة فضاء خاص بالحاج محمد السقاط، وهو رواق يضم مكتبه وكرسيه الخاصين، ومجموعة كتب أيضا، وقاعة للاجتماعات، وقاعة للندوات والمحاضرات، وبعض صور له كذلك.
وقالت مديرة المكتبة سناء الدكالي: إن جميع أجنحة المكتبة مفتوحة أولا لطلبة جامعة الحسن الثاني بمؤسساتها الثمانية وهي: كلية الحقوق والاقتصاد، كلية العلوم، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، كلية الطب والصيدلة، كلية طب الأسنان، المدرسة العليا للأساتذة، مدرسة المهندسين، المدرسة العليا للتكنولوجيا.
رواج منقطع النظير
وأبدت الدكالي سرورها الواضح لكون السنة الجامعية 2012-2013 لقيت رواجا منقطع النظير، ففي خلال ثلاثة أشهر فقط، ارتفع عدد المسجلين في المكتبة إلى 5000 طالب، وهو رقم كانت المكتبة تسجله خلال عموم السنة، بامتلاء 900 مقعد للجلوس في المكتبة بأكملها طيلة الأسبوع، كما أن المكتبة تتلقى 6000 زيارة أسبوعيا، كما أكدت أن هناك زوارا للمكتبة من أبعد المدن المغربية.
عالم المشاريع والمقاولات
وأوضحت الدكالي أن المكتبة لها بعد اجتماعي واقتصادي أيضا، من خلال انفتاحها على عالم المقاولات والمشاريع، ولذلك فهي تستضيف بشكل دائم مركز المقاولين الشباب ومركز مقاولاتي، وتهدف هاتان المؤسستان- من خلال وجودهما داخل المكتبة الجامعية- إلى المشاركة في تعزيز العلاقات التي تربط بين الجامعات والمقاولة، وحث الخريجين على إحداث مقاولات شابة، ومساعدتهم في فهم آليات الاستثمار في مجالات تخرجهم.
أما عن الجديد لهذا الموسم، فتقول الدكالي: إن المكتبة أبرمت شراكة مع المكتبة الوطنية للمملكة المغربية؛ من أجل «رقمنة» جميع مخطوطات الحاج محمد السقاط، بما فيها المخطوطات الحجرية، وهو ما تم بالفعل بنسبة مائة بالمائة، ولم يتبق إلا وضع الآليات لإيداعه الموقع الرسمي للمكتبة، وهكذا يمكن لجميع الباحثين والطلبة مراجعة هذه المخطوطات النادرة بشكل واضح وكأنه يراها أمامه.
البوابة الإلكترونية
بوابة المكتبة الإلكترونية تسمح للباحث بالاطلاع على فهرس كل الكتب والمخطوطات الموجودة من بيته أو مقر عمله، من خلال برنامج بروكسي دون الوجود بالمكتبة.
وتنظم المكتبة مجموعة لقاءات وندوات حول مواضيع معاصرة وأكاديمية في نفس الوقت، تخص جميع الاختصاصات، كما تنظم ورشات تكوينية لتسهيل اعتماد البرامج الرقمية للباحثين، من أرشيف وبحث عن المراجع إلى غير ذلك.
هذه المبادرة الخيرية التي أثمرت وقف المكتبة الجامعية محمد السقاط، هي عمل نموذجي لصيانة التراث الفكري والعلمي، كما يعد تعريفا وامتدادا للحضارة المغربية وكذا الأندلسية.. ولذلك فإنها شجعت أشخاصا آخرين على عدم الاحتفاظ بكنوزهم التراثية ومخطوطاتهم حبيسة خزانات شخصية، وإيداعها في مكتبة السقاط؛ لتمكين عموم الباحثين من الاستفادة منها.
لهذا قام بوشعيب فوقار، وهو عامل مقاطعات الحي الحسني بمدينة الدار البيضاء، بالتبرع بالرصيد الوثائقي لمكتبته الغنية لفائدة المكتبة الجامعية، وقام بالمثل عبدالسلام المنصوري، وهو مستشار سابق بالمجلس الأعلى للقضاء، إذ تبرع بمجموعة نادرة من المخطوطات والكتب أيضا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق